الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
بإذن الله تعالى نتعرض لبعض المسائل في علوم القرآن،،
حينما نقرأ بكتاب الله تعالى نجد أن هناك آيات يرد فيها لفظ الإنزال، والأيات الأخرى يرد فيها التنزيل
فما هو الإنزال والتنزيل،، و ما هي الآيات التي ورد فيها حتى يتضح المعنى والفرق بينهما:
الفرق بين الإنزال والتنزيل
ذهب إلى القول بالفرق بين اللفظتين جمع من اللغويين والمفسرين
وذلك استدلالاً بالآيات التي فرقت بين اللفظتين حين ذكرت نزول الكتب السماوية وجمعت بينها، مثلاً قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } (النساء: 136)
فقيل:الفرق بين الإنزال والتنزيل:
"الإنزال يستعمل في الدفعة، والتنزيل يستعمل في التدريج"
وقيل: "والفرق بين الإنزال والتنزيل في وصف القرآن والملائكة أن التنزيل يختص بالموضع الذي يشير إليه إنزاله مفرقاً ومرة بعد أخرى والإنزال عام".
فمما ذكر فيه التنزيل قوله تعالى:{... وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً} (الإسراء: 106)وقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ..} (الحجر: 9)
وأما الإنزال فكقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (القدر:1)
وإنما خص لفظ الإنزال دون التنزيل لما روي أن القرآن نزل دفعة واحدة إلى سماء الدنيا ثم نزل منجماً
ومن هنا قيل: بأن بين اللفظتين فرقاً وأن التعبير القرآني عما نزل دفعة واحدة يأتي بلفظ "أنزل"، وما نزل مفرقاً منجماً يأتي بلفظ "نزّل" فاختلاف التعبير دال على اختلاف صفة التنزيل ولذلك لما جمع الله بين القرآن والتوراة والإنجيل في آية سورة آل عمران جاء مع القرآن لفظ نزَّل، ومع التوراة والإنجيل لفظ أنزل للدلالة على ذلك المعنى
{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ} (آل عمران 3)
تنزلات القرآن الكريم
القول الأول:
أن للقرآن الكريم تنزلان نزول جملة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا في ليلة القدر المباركة من شهر رمضان الكريم، ونزول منجم على الرسول صلى الله عليه وسلم في نحو ثلاث وعشرين سنة حسب الوقائع والأحداث من بعثته إلى وفاته .
القول الثاني:
أن للقرآن نزولاً واحداً هو النزول المنجم على النبي وأنه ابتدئ إنزاله في ليلة القدر وهي الليلة المباركة من شهر رمضان.
القول الثالث:
أنه أنزل إلى السماء الدنيا في عشرين ليلة قدر في كل ليلة قدر ينزل ما يقدر الله إنزاله في كل السنة ثم نزل بعد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم منجماً مدة بعثته .
القول الرابع:
أن القرآن نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ وأن الحفظة نجمته على جبريل في عشرين ليلة. وأن جبريل نجمه على النبي صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة.
يقول ابن العربي متعقباً هذا القول: "ومن جهلة المفسرين أنهم قالوا: إن السفرة ألقته إلى جبريل في عشرين ليلة وألقاه جبريل إلى محمد - عليهما السلام - في عشرين سنة وهذا باطل، ليس بين جبريل وبين الله واسطة، ولا بين جبريل ومحمد صلى الله عليه وسلم واسطة".
الترجيح:
الاتفاق حاصل والإجماع قائم على صفة نزول القرآن الكريم المباشر على الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه نزل منجماً مفرقاً من بعثته إلى قرب وفاته ينزل أحياناً ابتداء بغير سبب وهو أكثر القرآن الكريم وأحياناً أخرى ينزل مرتبطاً بالأحداث والوقائع والأسباب.
حكمة نزول القرآن جملة
التمست بعض الحكم لنزول القرآن جملة إلى السماء الدنيا فقيل:
*إن فيه تفخيم شأن المنزل وهو القرآن الكريم، وتعظيم قدر من سوف ينزل عليه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، وتكريم من سوف ينزل إليهم وهم المسلمون. وذلك بإعلام سكان السماوات بأن هذا القرآن آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم.
يقول السخاوي في جمال القراء:
*وفيه أيضاً التسوية بينه وبين موسى عليه السلام في إنزال كتابه جملة، والتفضيل لمحمد صلى الله عليه وسلم في إنزاله عليه منجماً ليحفظه.
قال عز وجل:{سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى }(الأعلى 6)
حكمة نزوله منجماً
أولاً: تثبيت قلب الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك باستدامة الصلة بينه وبين الله عز وجل مما يؤنس الرسول {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} (الفرقان 32)
ثانياً:التيسير والرحمة بالأمة الإسلامية إذ لو نزلت الفرائض كلها مرة واحدة لشق ذلك عليهم، ويتضح ذلك من استقراء وتتبع النصوص الشرعية ومن ذلك على سبيل المثال التدرج في تحريم الخمر .
ثالثاً:التأييد الدائم من الله تعالى للرسول فإن سألوه أجاب الله عنه ومن ذلك ما حدث من المشركين حين سألوه عن صفة عيسى عليه السلام وكيف أنه ولد من غير أب ف
: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } (آل عمران59)